العمود

مُعضلة المشجع الرياضي: بين حب الفريق وكراهية المدرب!”

كنتُ أعتقد أن أصعب قرار في حياتي سيكون اختيار تخصصي الجامعي، حتى أصبحتُ مشجعاً رياضياً! الآن أعاني من انفصامٍ غريب: أحب الفريقَ وأكره مدربه! نعم، ذلك المدرب الذي يتحول إلى “ساحر” عندما يُعلن قبل المباراة أن نجم الفريق مُصابٌ بإجهادٍ في “عضلة الرغبة في اللعب”!

المشكلة أن مدرب الفريق لا يقرأ التقارير الطبية، بل يقرأ “المنجمين”! فتارةً يُصاب اللاعب بـ”التواء في ثقة المدرب”، وتارةً أخرى بـ”كدمة نفسية” بعد هزيمةٍ قاسية، أما الإصابات الحقيقية فتظهر فجأةً بعد الانتقالات الشتوية، عندما يكتشف الفريق أن اللاعب يعاني من “خللٍ في رغبته بتجديد العقد”!

ولا أنسى تلك اللحظات التي يخرج فيها المدرب بتصريحٍ مفاده: “اللاعب بحاجة إلى راحةٍ 3 أسابيع”، ثم نراه في اليوم التالي يلعب 90 دقيقةً كاملةً ويُسجل هدفين! هنا تتضح الحقيقة: أن “الراحة” كانت مجرد رمزٍ للخلاف مع المدرب على طريقة تقسيم الكعكة!

أما أعظم إنجازات المدربين الرياضيين فهي اختراعهم لمرض “الإرهاق التراكمي”، ذلك المرض السحري الذي يظهر عندما يريد اللاعب الهروب من مباراةٍ صعبة، ويختفي عندما يتلقى عرضاً مغرياً من نادٍ منافس!

في النهاية، لم أعد أعرف مَن الأكثر إبداعاً: اللاعبون في الملعب، أم المدربون في المؤتمرات الصحفية! كل ما أعرفه أنني كُنتُ أحتاج إلى طبيبٍ نفسي بعد كل موسم، حتى اكتشفتُ الحل السحري: أن أتحول أنا أيضاً إلى “مدرب فريق”! فالوظيفة سهلة: كل ما عليك هو حفظ ثلاث كلمات: “تشخيص مبدئي”، “فحوصات مكثفة”، و”تعافٍ تدريجي”!

بالنهاية، صرتُ أتساءل: هل الإبداع الحقيقي يكمن في أداء اللاعبين داخل المستطيل الأخضر، أم في براعة المدربين في فن الحديث خلال المؤتمرات الصحفية؟ الشيء المؤكد أن متابعة كل موسم كانت تستنزف طاقتي النفسية، إلى أن اهتديتُ إلى الخلاص: تقمُّص دور “مدرب فريق”! اكتشفتُ أن الأمر أبسط مما تصورت، إذ يقتصر على ترديد بعض عبارات سحرية: “سيعود اللاعب إلى التدريبات بشكل تدريجي”، “هناك تغيير في الخطة” .


فإذا فشلتَ في أن تكون لاعباً،  لا تقلق! هناك دائماً وظيفة شاغرة لك في “مدرب الفريق الخيالي”! فقط تأكد من أن لديك مخيلةً خصبة، وقدرةً على إبقاء الجميع في حيرةٍ من أمرهم.