هل نجحت تقنية الـ VAR في حل مشاكل التحكيم الرياضي في الملاعب؟

تظل الأخطاء التحكيمية سمة ملازمة لكرة القدم، وفيما يتعلق بقرارات الحكام، تتعدد وجهات النظر. فهناك من يعتبرها جزءًا لا يتجزأ من إثارة اللعبة، بينما يرفض آخرون تدخل تقنية الفيديو خوفًا من تأثيرها على الحماس. وفي المقابل، يذهب البعض إلى الاعتقاد بوجود مؤامرات ورشاوى تؤثر على نزاهة التحكيم.

ومما لا شك فيه أن التكنولوجيا الحديثة عادة ما تسهم في تبسيط وتسهيل العمل في أي قطاع، لكن الوضع يبدو مختلفًا في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوريات أخرى حول العالم، فقد تحولت تقنية الفيديو المساعد (VAR) في السنوات الأخيرة إلى مصدر استياء كبير للجماهير والعديد من المدربين والأندية، ويعتقدون أنها تحملهم تبعات قرارات غير صائبة، قد تؤدي أو أدت بالفعل إلى خسائر جسيمة على صعيد النقاط، والأموال، والجهد المبذول.

فعندما انطلقت تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) للمرة الأولى في كأس العالم 2018، تطلعت الجماهير إلى تحكيم خالٍ من الأخطاء. ولكن، بعد مرور أكثر من سبع سنوات على تطبيقها، تبددت هذه الآمال، حيث لا تزال الأخطاء التحكيمية تحدث، وفي بعض الأحيان تكون ذات عواقب وخيمة.

ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح بعد نهاية المباريات، لاسيما الهامة منها، حيث تكتظ مواقع التواصل الاجتماعي والبرامج التلفزيونية بالنقاشات والتحليلات حول القرارات التحكيمية. فما هي أبرز الأخطاء التحكيمية؟ ومتى بدأت تقنية الـ Var    ؟ وماهي آلية عمل تقنية الفار؟ وهل حل الفار إشكالية التحكيم؟

لضمان تغطية شاملة للحالات التحكيمية المحتملة، تحتاج تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) إلى بنية تحتية تتضمن على الأقل 12 كاميرا موزعة في أنحاء الملعب لتوفير زوايا رؤية متعددة للحكام. كما يتطلب الأمر إنشاء غرفة عمليات مجهزة بفريق عمل متخصص يضم ما بين 3 إلى 4 حكام يساعدهم تقني فيديو. ومن الضروري أيضًا توفير شاشة عرض واضحة ومتاحة لحكم الساحة داخل الملعب ليتمكن من مراجعة اللقطات بنفسه عند الحاجة لاتخاذ القرار.

وبحسب موقع الجزيرة، فإنه على الرغم من أن أول اختبار رسمي لتقنية “Var” كان في الدوري الهولندي الممتاز موسم 2012-2013 وتوالت بعدها التجارب، و شهد عام 2018 اعتماد تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR)، ولكن سرعان ما أثارت جدلاً واسعًا، خاصةً بعد احتساب ضربة جزاء لصالح فرنسا ضد كرواتيا في نهائي كأس العالم، فقد أطلقت هذه اللقطة موجة من التكهنات حول مدى نجاح هذه التجربة الجديدة، لا سيما مع الشكوك الكبيرة التي طالت قرار الحكم نيستور بيتانا باللجوء إلى تقنية “Var” لمراجعة خطأ دفاعي داخل منطقة الجزاء ومنح ركلة جزاء للفرنسيين، وهو ما أثار انقسامًا حادًا في الآراء بين مؤيد ومعارض للتقنية.

وفي تصريحات تلفزيونية صريحة، انتقد نجم ليفربول محمد صلاح بشدة تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR)، مؤكدًا أنه لم يحبها قط، وأوضح أن التقنية أدت منذ بداية الموسم إلى التأثير على انسيابية اللعب وإضاعة متعة كرة القدم، مع التركيز على دقة التمركز قبل خط التسلل. وأضاف صلاح أن تطبيق “Var” يبدو أفضل في دوري الأبطال ودوريات أخرى تمنح المهاجمين هامشًا أوسع. وفي ختام حديثه، جدد صلاح تأكيد موقفه الرافض للتقنية، مشددًا على أنه رأيه الشخصي.

وفقًا لموقع سكاي نيوز، تُعد اللقطة التحكيمية الخاطئة الأكثر شهرة تلك التي كان بطلها الأسطورة دييغو مارادونا، عندما سجل هدف الفوز لمنتخب الأرجنتين في مرمى إنجلترا في الدور ربع النهائي من مونديال 1986 بالمكسيك. حكم المباراة، التونسي علي بن ناصر، لم يكن يعلم آنذاك أنه سيصبح جزءًا من التاريخ بسبب عدم ملاحظته لليد مارادونا المخالفة.

ومن الفضائح التحكيمية الأخرى التي لا تُنسى تلك التي حرمت منتخب جمهورية إيرلندا من بلوغ نهائيات كأس العالم 2010. ففي مباراة الملحق الحاسمة أمام فرنسا، ارتكب نجم “الديوك” تيري هنري مخالفة واضحة بلمس الكرة بيده ليصنع هدف التأهل لمنتخب بلاده إلى مونديال جنوب إفريقيا.

صرح عمر المهنا، الرئيس السابق للجنة التحكيم السعودية، لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: “الأخطاء لا يمكن منعها بالكامل، ولكن يمكن تقليصها، وأشار إلى أن تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) لم تنجح في القضاء على المشاكل التحكيمية في الدوريات العالمية، مستشهدًا باضطرار أندية الدوري الإنجليزي الممتاز للتصويت على مستقبل التقنية في نهاية الموسم الماضي، وأوضح أنه على الرغم من استمرار الأخطاء، فقد تقرر الإبقاء على “VAR” باعتبارها الخيار المتاح.

ذكرت شبكة (The Athletic) أن تقنية الفيديو المساعد (VAR)، على الرغم من إثارتها للاهتمام، تحولت بشكل أساسي إلى مادة دسمة لوسائل الإعلام ومحللي التحكيم، أكثر من كونها حلاً فعالًا لمشاكل اللعبة. وأضافت الشبكة أن التقنية لم تتمكن من معالجة المشكلة من أساسها، وأن وجودها يساهم فقط في الحد من الأخطاء التحكيمية وليس القضاء عليها بشكل كامل.

وعلى الرغم من الانتقادات والشكاوى المتزايدة من تطبيق تقنية “Var” في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، تؤكد الأرقام والإحصائيات أن استخدام التقنية قد رفع معدل القرارات الصحيحة داخل الملعب من 82% قبل تطبيقها إلى 96% بعده، ولهذا فإن ضرورة تعاون الأندية للمساهمة في توفير حكام متخصصين للعمل في غرفة “Var” بهدف تحسين دقة القرارات وسرعتها، ويقلل من الأخطاء التحكيمية بشكل كبير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *