ناصر العطية.. “سوبرمان” الرياضة القطرية يتربع على عرش الراليات ويحصد الذهب في الرماية

أول عربي يتوج ببطولة رالي داكار الأسطوري عام 2011

استطاع البطل الأولمبي القطري، ناصر العطية، المُلقب بـ “سوبرمان” الرياضة القطرية، أن يسطر اسمه بأحرف من ذهب في عالم الرياضة. فبين قيادة الراليات الصعبة وبراعة التصويب في الرماية، تمكن هذا النجم من كسر الأرقام القياسية وتحويل تحقيق البطولات إلى واقع ملموس. ففي عام 2011، توج العطية بالمركز الأول في رالي داكار، ليصبح بذلك أول عربي يحقق هذا الانتصار المذهل في عالم سباقات الرالي. ولم يتوقف طموحه عند هذا الحد، بل واصل العمل والاجتهاد الدؤوب لتطوير مهاراته باستمرار حتى تم تتويجه بخمسة ألقاب في رالي داكار، بالإضافة إلى فوزه ببطولة العالم للراليات. ولم تقتصر إنجازات العطية على عالم الراليات فحسب، بل امتدت لتشمل رياضة الرماية، حيث حصد العديد من الميداليات على مختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية.  “رياضة نيوز” التقت البطل القطري ناصر العطيه الذي استعرض مسيرته الرياضية الحافلة بالإنجازات والتحديات التي واجهته في طريقه نحو القمة. وفيما يلي نص الحوار:

 *كيف كانت بداياتك في عالم الرالي، وما الذي ألهمك لدخول هذا المجال؟

دخولي إلى عالم الراليات يعود إلى فترة التسعينات تقريبًا، وذلك لشغفي الكبير وحبي لهذه الرياضة تحديدًا، فأنا أؤمن بأن الموهبة أمر فطري وموجود لدى كل إنسان، لكن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية اكتشاف هذه المواهب وتنميتها، والحمد لله، أخذتني هذه الرياضة بعيدًا عن مخاطر الحوادث التي قد تحدث خارج الطرق المخصصة، بل استفدت منها على الصعيد الشخصي، وتمكنت بفضل الله من تحقيق الفوز في العديد من البطولات العالمية، وهو ما أفاد دولتي قطر  بتمثيلها المشرف في المحافل الدولية.

*ما هو شعورك بعد تحقيقك العديد من الألقاب في رالي داكار الأسطوري؟

لطالما راودني حلم المشاركة في رالي داكار، هذا الرالي الذي يُعد من أصعب وأشق السباقات على مستوى العالم، يتطلب جهدًا بدنيًا وذهنيًا كبيرًا، بالإضافة إلى المخاطرة العالية التي ينطوي عليها، ولكن بفضل الله وتوفيقه، تمكنت من تحقيق حلمي والمشاركة فيه للمرة الأولى عام 2004 ، وفي عام 2011، تحقق إنجاز تاريخي بحصولي على المركز الأول في رالي داكار، لأصبح أول عربي وقطري يحقق هذا الفوز في عالم الراليات، ثم واصلت العمل والاجتهاد لتطوير نفسي باستمرار، واليوم، بفضل الله، نتحدث عن خمسة انتصارات حققتها في رالي داكار، بالإضافة إلى الفوز ببطولة العالم للراليات. حتى أصبح اسم ناصر العطية مرتبطًا بالصدارة في عالم هذه الرياضة الشيقة، وهذا النجاح الكبير يعود إلى عدة عوامل، يأتي في مقدمتها الدعم الكبير الذي حظيت به من المسؤولين وقيادتنا الرشيدة، حفظهم الله.

*ما هو الإنجاز الذي تعتبره الأبرز في مسيرتك الرياضية، ولماذا؟

بلا شك، أعتبر الفوز برالي داكار هو الإنجاز الأبرز في مسيرتي الرياضية، واليوم الحمد لله، عندما أشارك في أي بطولة، فإنني أضع نصب عيني تمثيل دولتي الحبيبة قطر أولًا وقبل كل شيء، وليس مجرد تمثيل اسم ناصر العطية. الفوز برالي داكار كان حلمًا يراودني منذ زمن طويل، والحمد لله تمكنت من تحقيق إنجاز تاريخي كأول سائق عربي يفوز بهذا الرالي العريق، وكسر احتكار السائقين الأوروبيين له، ولذلك يبقى الفوز الأول له طعم ومكانة خاصة في قلبي كونه نقطة تحول في مسيرتي.

*ما هي أكبر الصعوبات التي واجهتك في مسيرتك الرياضية، وكيف تمكنت من التغلب عليها؟

التحديات كانت كبيرة على المستوى الرياضي، فرغم تحقيقي ألقاب أبرز البطولات على مستوى العالم في الراليات، إلا أن هذه الإنجازات لم تأت من فراغ، وإنما نتيجة جهد كبير وعمل شاق نقوم به في مختلف السباقات من أجل التفوق ورفع اسم قطر في مختلف المحافل الدولية.

المشوار صعب والطريق طويل ويحتاج لخطط مدروسة بجدية وجهد كبير من أجل الوصول للقمة، وهذا لن يتحقق إلا بتوافر كافة عناصر الفوز بالبطولة لأن الدعم وحده لا يكفي لتحقيق الفوز، بل يجب أن يرفقه استراتيجية محددة من أجل الوصول لهذا الهدف.

*لديك أيضًا بصمة مميزة في رياضة الرماية، فكيف كانت بداياتك في هذا المجال؟

دخولي إلى عالم الرماية جاء بشكل غير مخطط له تقريبًا في عام 1994. وبعدها، عملت بجد على تطوير مهاراتي لمدة عام واحد فقط، وتمكنت خلالها من تحقيق أول ميدالية ذهبية لي، ثم تأهلت للمشاركة في أولمبياد أتلانتا عام 1996. بعد هذه المشاركة أدركت الأهمية والقيمة الكبيرة للألعاب الأولمبية، فهي ليست حدثًا يشارك فيه أي لاعب أو رامٍ أو متسابق، بل هي مخصصة دائمًا لأصحاب المراكز الأولى على مستوى العالم. لقد كانت تجربة أولمبية أتلانتا تجربة جميلة ومحفزة للغاية، ومن بعدها واصلت تطوير نفسي والاجتهاد في رياضة الرماية، وهو ما أثمر عن حصولي على الميدالية البرونزية في أولمبياد لندن. وبفضل الله، شاركت حتى الآن في ست دورات أولمبية، وكما ترون، ما زلنا مستمرين في هذا المجال، ونتمنى أن نرى في المستقبل القريب لاعبين قطريين آخرين يمثلون دولتنا الحبيبة قطر في المحافل الأولمبية.

*لقد حققت العديد من الإنجازات مع شركات سيارات مختلفة، فما هي أبرز الفروق التي وجدتها في قيادة هذه السيارات؟

بالفعل، ولله الحمد تمكنت من تحقيق خمسة ألقاب في رالي داكار، ثلاثة منها خلال السنوات السبع التي قضيتها مع فريق تويوتا، وهذا يُعد إنجازًا كبيرًا، كما أنني فزت بهذا الرالي الأسطوري مع ثلاثة مصنعين مختلفين للسيارات وهم فولكسفاغن، وميني، وتويوتا. وأرى أن كل مصنع يتمتع بفلسفة تصميم وهندسة مختلفة، وهذا ينعكس بوضوح على أداء السيارة وقدراتها في الظروف الصحراوية القاسية لرالي داكار. فلكل سيارة نقاط قوة ونقاط ضعف تتطلب أسلوب قيادة معينًا وتكتيكًا مختلفًا في التعامل مع التضاريس المتنوعة. بالإضافة إلى ذلك، شاركت عدة مرات في بطولة العالم للراليات “دبليو آر سي”، وكان آخرها في عام 2015، وحاليًا أنا فخور بقيادة سيارة هانتر.

*ما هو الدور الذي يلعبه الدعم العائلي والشخصي في تحقيق النجاحات الرياضية؟

الاستمرار في عالم الراليات، وهو مجال مليء بالتحديات والصعوبات، يعتمد بشكل كبير على الدعم المتواصل الذي أحظى به من الدولة، واللجنة الأولمبية القطرية، وهذا الدعم الرسمي يمثل حافزًا كبيرًا  ولكن، حبي وشغفي الشخصي هما الدافع الأساسي والحمد لله، عملت باستمرار على تطوير قدراتي، فضلا عن المساعدة والدعم الذي أجده من زملائي وأصدقائي له تأثير كبير في مسيرتي، ولا يمكن إغفال الدور المحوري للدولة، فهي دائمًا ما تكون الداعم الرئيسي والأساسي للرياضيين في شتى المجالات، مما يضاعف الشعور بالمسؤولية من إصرارنا على تحقيق أفضل النتائج.

*بعد هذه المسيرة الرياضية الملهمة، ما هي الرسالة التي توجهها للشباب القطري الطموح؟

رسالتي للشباب القطري اليوم هي أننا نعيش في خير ونعمة في ظل قيادتنا الرشيدة، وأن المجال الرياضي في قطر، سواء في الميدان أو في أي اتحاد رياضي، مفتوح دائمًا أمامهم. أنصح أي شاب قطري لديه شغف بأي لعبة رياضية، سواء كانت كرة القدم، ألعاب القوى، الرماية، أو أي رياضة أخرى، بأن يتوجه مباشرة إلى الاتحاد القطري المختص بتلك الرياضة. هذه الاتحادات توفر كل الإمكانيات والتسهيلات اللازمة للمشاركين. فعلى سبيل المثال، رياضة الرماية تعتبر مكلفة جدًا، حيث قد يرمي المتسابق الواحد ما بين 500 إلى 1000 طلقة في اليوم الواحد، وهذا يعني تكاليف باهظة تتكفل بها الدولة مشكورة لتوفيرها للرماة والمتسابقين.

*كيف ترى دور قطر في دعم الرياضة والرياضيين؟

بالتأكيد، تولي دولتنا قطر اهتمامًا بالغًا بدعم الرياضة والرياضيين، وهناك خطط استراتيجية واضحة للمشاركات المشرفة في الألعاب الأولمبية وغيرها من المحافل الدولية. ومثال على هذا الدعم المباشر، بطولة “مقدام” المتميزة، وهي فكرة رائدة من المسؤولين في القوات المسلحة القطرية، لاستقطاب أعدادًا كبيرة من الشباب لممارسة رياضة الرماية، ويوجد أكثر من 2000 إلى 3000 مشارك. ومن خلال هذه الممارسة الواسعة، يقوم المسؤولون في الاتحاد القطري للرماية بمتابعة واكتشاف المواهب الواعدة، ومن ثم يتم استقطاب هؤلاء الموهوبين وتهيئتهم للمشاركة في الألعاب الأولمبية وتمثيل قطر على أعلى المستويات.

*كيف تحقق التوازن بين شغفك برياضتي الرماية والرالي؟

لقد نشأت على حب الرماية والرالي منذ صغري. ففي قطر، جزء من تقاليدنا وثقافتنا هو حب الرماية والصيد، وكنا نخرج في رحلات برية مع الأهل والوالد والأصدقاء لممارسة هذه الهواية، وعلى الرغم من اختلاف طبيعة الرياضتين، إلا أن كلتيهما تتطلبان تركيزًا ذهنيًا عاليًا، ودقة في الأداء، وسرعة اتخاذ القرار، كما أن وجود مرافق رياضية عالمية المستوى في قطر، مثل ميادين لوسيل للرماية التي تُعد من أجمل الميادين على مستوى العالم، يشجع على ممارسة هذه الرياضات وتطويرها.

* ما هي الرسالة التي تود توجيهها إلى جمهورك ومحبيك في قطر والعالم؟

رسالتي إلى الشباب، سواء في قطر أو في أي مكان في العالم، هي أن يستغلوا هواياتهم وشغفهم، أي من يحب رياضة السيارات أو أي رياضة أخرى ويسعى لدخول عالم الاحتراف، عليه أن يكون مخلصًا في تدريباته، وأن يبذل أقصى ما لديه من جهد وعرق لتحقيق طموحاته وأحلامه، وأؤكد لهم أن الأمر ليس مستحيلًا مع الإصرار والعزيمة والعمل الجاد، وأتمنى لهم كل التوفيق في مسيرتهم الرياضية والشخصية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *