
يُعدّ المعز علي، النجم اللامع في عالم كرة القدم القطرية، مثالًا للاعب الذي يجمع بين الموهبة الفذة والانضباط العالي والطموح الذي لا يعرف الحدود، هذا اللاعب الموهوب، الذي يصول ويجول في صفوف نادي الدحيل والمنتخب القطري، استطاع أن يخطف الأنظار بأدائه الاستثنائي ومساهمته الفعالة في تحقيق إنجازات تاريخية لكرة القدم القطرية، تاركًا بصمة واضحة في مسيرته الكروية التي انطلقت من الملاعب المحلية لتصل إلى المنصات القارية، ورحلة هذا النجم مليئة بالتحديات التي تجاوزها بنجاح، والانتصارات التي أسعدت الجماهير القطرية والعربية.”رياضة نيوز” التقت اللاعب المعز علي والذي كشف عن الجانب الإنساني والرياضي لهذا اللاعب الاستثنائي، وبداياته وأحلامه . وفيما يلي نص الحوار:
حدثنا عن بداياتك في عالم كرة القدم؟
بداياتي تشبه بدايات العديد من اللاعبين، حيث كنت أمارس كرة القدم في المدرسة بشغف كبير، موهبتي كانت وليدة التأثر بأخي الأكبر محمد، الذي كان يأخذني معه دائمًا عندما يلعب مع أصدقائه. تلك اللحظات كانت تُشعل حبي لهذه الرياضة، كما أن شغفي باللعب في المدرسة كان دافعًا لي لمواصلة تطوير نفسي. واليوم، وأنا أعز علي نجم نادي الدحيل القطري، أتذكر تلك البدايات البسيطة التي شكلت مسيرتي .
ما هي أبرز التحديات التي واجهتك في المراحل الأولى، وكيف تغلبت عليها؟
واجهت العديد من التحديات خلال مسيرتي الكروية، خاصة عندما كنت ألعب في نادي مسيمير، وهو نادي صغير مقارنة بالأندية الكبرى في قطر، كان حلمي دائمًا أن أرى نادينا يحقق بطولة في مواجهة الفرق الكبيرة مثل الدحيل أو الريان أو نادي قطر، وهي أندية تمتلك تاريخًا قويًا ولاعبين متميزين.لكنني لم أستسلم لهذا التحدي، بل زاد إصراري على العمل الجاد والالتزام، و كنت حريصًا على حضور جميع التمارين بانتظام دون تغيب، وأبذل قصارى جهدي خلال المباريات، وأحرص على التعلم من توجيهات المدرب، وتعلمت أهمية الإرادة، فهذه المرحلة شكلت شخصيتي الكروية، فالتحدي والعزيمة التي أوصلتني إلى ما أنا عليه اليوم مع نادي الدحيل.
انتقلت بين عدة أندية في بداية مسيرتك، كيف أثرت هذه التجارب المختلفة على تطورك كلاعب وصولًا إلى الاستقرار مع نادي الدحيل؟
الانتقال إلى أوروبا في سنٍّ صغير كان نقطة تحوُّل كبيرة في مسيرتي، حيث انضممتُ إلى نادي باجيكا وتعلمت كرة القدم بمستوى مختلف تمامًا، فالاحتكاك بالكرة الأوروبية كان تجربة ثرية جدًّا، وساعدني على تطوير نفسي كلاعب ورياضي في قطر، مما أهّلني فيما بعد لتمثيل المنتخب القطري بخبرة أكبر، وجعلني جاهزًا للمواجهات الكبيرة. وفي أوروبا، تعلّمتُ معنى الاحتراف الحقيقي، تعلّمتُ الصبر، الاجتهاد، والالتزام، وكيفية تطوير نفسي يوميًّا من خلال التدريبات المكثفة والتحليل التكتيكي، خاصة وأن الكرة الأوروبية مختلفة تمامًا عن الآسيوية، فهي تتميز بالسرعة العالية، القوة البدنية، والتنظيم التكتيكي الدقيق، وهذا ما جعلني أطور أدائي بشكل ملحوظ.
تحمل الرقم 19 مع المنتخب القطري، هل هناك دلالة خاصة لهذا الرقم بالنسبة لك؟
الرقم 19 أصبح جزءًا من هويتي الكروية، ليس فقط لأنه رقمي المفضل، بل لأنه يرتبط بيوم ميلادي في 19 أغسطس، مما جعله يحمل معنى خاصًا لي. الأمر كان ضربة حظ جميلة، فخلال مشاركتي مع منتخب الشباب، كنتُ اللاعب الجديد في المجموعة، ولم يكن أحد قد اختار الرقم 19 بعد، فمنحني إياه المدرب، ومنذ ذلك الحين، أصبح رمزًا للحظ والتوفيق في مسيرتي.
ماذا يعني لك ارتداء قميص العنابي وتمثيل بلدك؟
تمثيل منتخب قطر شرف عظيم، فهو حلم كل لاعب قطري أن يرفع علم بلاده في المحافل الدولية، ويكون مصدر فخر لأبناء وطنه، وهذه المسؤولية تدفعني دائمًا إلى بذل المزيد من الجهد، سواء في التدريبات أو خلال المباريات، لأنني أدرك أن عيون جيل كامل من اللاعبين الناشئين تتطلع إلينا، ونحن قدوتهم في المثابرة والاحتراف.لذلك، أحرص دائمًا على تقديم الأفضل، ليس فقط من أجل الفوز، ولكن ليكون أدائي مصدر إلهام لكل من يحلم بأن يسير على نفس الدرب.
هل لك مثلًا أعلى في كرة القدم، وما هي الصفات التي تجعله قدوة لك وكيف تحاول تطبيقها في أدائك؟
كريستيانو رونالدو هو مثلي الأعلى في كرة القدم، ليس فقط لأنه أحد أعظم اللاعبين في التاريخ، ولكن بسبب روحه القتالية، انضباطه الشديد، وإصراره الذي لا يعرف المستحيل، فقدراته تتجاوز المهارات الكروية، فهو مثال الالتزام والانضباط، ويمارس التدريبات بجدٍّ حتى بعد تحقيق كل هذه الإنجازات، ويعمل بشكل مستمر على التطور، ولم يتوقف عند موهبته الطبيعية، بل ظل يطور نفسه في كل مرحلة من مسيرته، إلى جانب العقلية القوية، فهو يتحدى الصعوبات، ولا يخاف من الفشل، بل يجعل منه دافعًا للتفوق.
هل هناك مباراة تعتبرها الأجمل في مسيرتك، وما أسباب تميزها في ذاكرتك؟
أجمل مباراة في مسيرتي بلا شك كانت نهائي كأس آسيا ضد اليابان، لأنها جمعت كل شيء: التحدي، الضغط، والعزيمة، والفوز الأخير الذي جعل قطر تُتوج بطلة آسيا لأول مرة في تاريخها، كما إننا لعبنا أمام منتخب قوي ومحترف مثل اليابان، وكان التحدي كبيرًا، والأجواء كانت لا تُنسى، خاصة مع تشجيع الجماهير العربية التي وقفت معنا، والأهم أننا قدمنا مستوى استثنائيًا، وكنت فخورًا بمساهمتي في هذا الإنجاز التاريخي، فهذه المباراة علمتني أن الإيمان بالهدف والعمل الجماعي يمكن أن يحقق المستحيل.
ما هو الهدف الأهم في مسيرتك والذي يحمل قصة خاصة، وما هو تأثيره على مسيرتك ؟
هدفي في مرمى إيران خلال نصف نهائي كأس آسيا كان بمثابة لحظة فارقة في مسيرتي،لأنه لم يكن مجرد هدف عادي، بل كان القرار الجريء،و تسديدة قوية وحاسمة في وقت تشديد المباراة، وحقق الحلم و ساهم في تأهلنا للنهائي وكتابة تاريخ جديد للكرة القطرية، وكل هذا أمام منتخب كبير مثل إيران، أثبتنا أن الإرادة أقوى من أي شيء، فتلك اللحظة علمتني أن الفرص الكبيرة لا تأتي مرتين، يجب أن تكون جاهزًا لاقتناصها بشجاعة، وسيظل هذا الهدف ذكرى عزيزة على قلبي، لأنه لم يكتب نصرًا فحسب، بل ألهم جيلًا كاملًا أن الأحلام لا حدود له.
تمثيل المنتخب القطري مسؤولية كبيرة، كيف تتعامل مع الضغوط المصاحبة لذلك ؟
بالنسبة لي كلاعب محترف، واحرص قبل المبارايات على الابتعاد عن السوشيال ميديا، وهذا جزء أساسي من استعدادي النفسي والمهني، لأنني أؤمن بأن التركيز الكامل يجب أن يكون على التمارين والتحليل التكتيكي، كما أن ضجيج الآراء الخارجية قد يُشتت الانتباه ويؤثر على الثقة سواء بالإيجاب أو السلب، والعزلة الإيجابية تساعدني على شحن طاقتي ومراجعة أهدافي قبل النزول للملعب، ولذلك أفضل دائمًا استبدال التصفح بقراءة الخطط، أو الاستماع للموسيقى الهادئة، أو حتى الحوار مع الزملاء حول المباراة.
بعيدًا عن ضغوط الملاعب، ما هي الأنشطة أو الهوايات التي تمارسها ؟
لدي بعض الهوايات خارج الملعب، فهي تُكملني كلاعب وكإنسان، فمثلا أحب كرة الطائرة فهي تساعدني على تطوير رد الفعل السريع والتنسيق بين العين واليد، وتعزيز العمل الجماعي بروح مختلفة عن كرة القدم، وأيضا أحب السباحة فهي بالنسبة لي ليست مجرد رياضة، بل تدريب كامل للجسم دون إجهاد المفاصل، وفرصة لتصفية الذهن واستعادة النشاط، وهذا التنوع الرياضي يمنحني توازنًا رائعًا، فكل لعبة تُعلّمني مهارات جديدة تثري أدائي الكروي.
- كيف توازن بين حياتك الرياضية والشخصية؟
احرص الموازنة بين حياتي الشخصية والرياضة، فالموازنة هي سرّ استمراري بإيقاع متزن ونفسية قوية، ففي الجانب الرياضي، ألتزم ببرنامج تدريبي صارم، لكنني أحرص على عدم جعله سجنًا يُنهك جسدي وذهني، وأستمع إلى جسدي، فأعرف متى أدفع أكثر ومتى أخذ قسطًا من الراحة. أما في الحياة الشخصية، أخصص وقتًا للعائلة والأصدقاء، لأن الدعم العاطفي يُعيد شحن طاقتي، وأمارس هواياتي مثل السباحة وكرة الطائرة كهروب صحي من ضغط المنافسات.
ما هي الرسالة التي توجهها للجيل القادم من اللاعبين والجمهور القطري؟
انصح الطلاب من محبي وعشاق كرة القدم بشكل خاص، أن شغفهمم بالرياضة أمر رائع ومصدر للطاقة الإيجابية، ولكن لا يجعلوا هذا الشغف يطغى على التزامكم بدراستكم، فالدراسة ليست عائقًا أمام تحقيق حلمكم ، بل على العكس تمامًا، هي الرافد الذي يغذي عقولكم ويوسع مدارككم، عليكم أن تسعوا جاهدين لتحقيق التوازن بين ممارسة الرياضة والتحصيل العلمي، فاللاعب المثقف والخريج الجامعي هو النموذج الأفضل.