
شهدت مشاركة المرأة القطرية في الأنشطة الرياضية والمسابقات والفعاليات الوطنية والإقليمية والدولية ازديادًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، محققة إنجازات ونجاحات عديدة. وبرزت العديد من الأسماء النسائية اللامعة في مجالات الجري والسباحة والرماية، من بينهن لولوة المري، وأمل محمد، وسارة مسعود، وغيرهن من البطلات اللاتي وصلن إلى العالمية. وقد عملت دولة قطر على تطوير الرياضة النسائية من خلال إتاحة الفرص الكاملة للنساء والفتيات لممارسة الأنشطة الرياضية والمشاركة في المنافسات الوطنية والإقليمية والدولية، وذلك عبر إنشاء المؤسسات المختصة وتوفير كافة الإمكانات التي تعزز مشاركة المرأة في جميع الألعاب الرياضية وتجعل الرياضة جاذبة لجميع النساء من مختلف الأعمار. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال لدى بعض العائلات القطرية تحفظ تجاه ممارسة بناتهن للرياضة بهدف الاحتراف والشهرة كلاعبات. “رياضة نيوز” التقت بعدد من المواطنين والمواطنات واستطلعت آرائهم حول الأسباب.
تشجيع ممارسة الفتيات الرياضة يعزز مكانة قطر على الساحة الدولية
يرى المحامي علي المري، انه يجب الموافقة وتشجيع الفتيات القطريات على ممارسة الرياضة، مؤكداً أن ذلك يسهم في تعزيز مكانة دولة قطر على الساحة الدولية، ويُرسخ ثقافة الرياضة كأسلوب حياة صحي في المجتمع. ويوضح أن للرياضة النسائية آثاراً إيجابية متعددة، أهمها تحسين جودة الحياة وتعزيز الصحة النفسية والجسدية.
ويشير المحامي المري، إلى وجود تباين في المواقف المجتمعية تجاه هذه القضية، حيث يقسم الأسر إلى ثلاث فئات، منهم بعض الأسر تدعم الرياضة النسائية علناً، و أسر تؤيدها داخلياً ولكن تقيدها العادات والتقاليد، بينما هناك أسر ترفض ممارسة الفتيات للرياضة تماماً بناءً على قناعات راسخة.
ويوضح المحامي المري أن هناك بعض التحديات التي تواجه الأسر الداعمة لبناتها في المجال الرياضي، ويأتي على رأسها التنمر الموجه ضد العائلات التي تسمح لبناتها باحتراف أحد الرياضات، إلى جانب أيضا الضغوط الاجتماعية الناتجة عن التقاليد الموروثة.
بعض العائلات لديها تحفظ على احتراف الفتيات للرياضة
من جهتها تقول السيدة سارة المري، أن المجتمع القطري قد شهد تغيرا كبيرا خلال السنوات الماضية، ولم لم تعد العادات والتقاليد تغلب على الجميع مثلما كانت في السابق، ولكن يتوجب على الفتيات في حال رغبتهم بممارسة الرياضة ممارستها بشكل لا يخالف العادات الاسلامية اي أن لا تكون ممارسات علنية، ويمكن الاكتفاء فقط بذكر اسم اللاعبة المشهورة دون نشر صور او غيرها .
وتؤكد السيدة سارة على استمرار تحفظ بعض العائلات القطرية على احتراف الفتيات للرياضة، خاصة فيما يتعلق بظهورهن الإعلامي ونشر الصور أو المقاطع المصورة خلال المنافسات. وترى أن هذا التحفظ نابع من الحساسية الاجتماعية، خشية العائلات من التعرض للنقد أو الحرج أمام الأقارب، وكذلك التخوف من الشهرة الواسعة للفتيات في المجال الرياضي،مما قد يضع هذه العائلات في حرج أمام الاهل والأقارب.
وترى أن هناك بعض التحديات أو المخاوف التي تواجه العائلات عند تشجيع بناتهن على ممارسة الرياضة بشكل احترافي، ومنها نشر الصور والفيديوهات اثناء ممارسة الفتيات للرياضة، أي أن تكون الفتاة مشهورة كلياً امام المجتمع، إلى جانب العادات والتقاليد التي يجبر البعض على الالتزام بها.
وضع ضوابط محددة تراعي الخصوصية الثقافية والدينية
أما السيدة عائشة مبارك، فتؤكد على تأييدها لممارسة الفتيات للرياضة بشكل احترافي، مع وضع ضوابط محددة تراعي الخصوصية الثقافية والدينية. وتقول: “أنا مع الرياضة الاحترافية للفتيات، ولكن يشترط أن تتم في بيئات نسائية خالصة، بما يتوافق مع تعاليم ديننا الحنيف وقيم مجتمعنا الأصيلة.
ترى السيدة عائشة أن بعض أفراد المجتمع القطري لا يزال متحفظًا، وأنه من الصعب تقبل فكرة شهرة بناته في مجال الرياضة، خاصة وأن هناك مخاوف قد تواجه العائلات في المجتمع القطري عند تشجيع بناتهن على ممارسة الرياضة بشكل احترافي، ومنها أولًا مخالفة تعاليم الدين الإسلامي من ناحية وجوب ستر المرأة، وهو ما يتعارض مع متطلبات ممارسة الرياضة والسفر من دون محرم لحضور البطولات في بعض الأحيان. ثانيًا، مخالفة عادات وتقاليد المجتمع القطري المحافظ، والذي يتمسك ويحرص على خصوصية عائلاته وفتياته، وأن الخروج من هذه القاعدة قد يكون مكلفًا على أصحابه، لذلك بالتأكيد سيواجهون صعوبات وتحديات.
الزي الرياضي قد لا يتناسب مع تعاليمنا الإسلامية
من جهتها، تؤكد السيدة لطيفة عبد الله عدم موافقتها على احتراف الفتيات القطريات للرياضة، مرجعة ذلك إلى طبيعة المجتمع القطري المحافظ بعاداته وتقاليده. وتوضح أن ممارسة الرياضة بشكل احترافي غالبًا ما تتطلب ارتداء ملابس ضيقة تبرز تفاصيل الجسد ومفاتنه، وهو ما يتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي الذي نهى عن إظهار المفاتن حتى أمام النساء، فكيف إذا كان ذلك أمام جمهور مختلط وغفير؟
وتشير السيدة لطيفة إلى أنه على الرغم من ظهور لاعبات قطريات على الساحة العالمية، لا تزال بعض فئات المجتمع القطري، وخصوصًا المجتمع القبلي، متحفظة تجاه ممارسة المرأة للرياضة؛ بسبب ما يتعلق بالزي الرياضي وخصوصية المرأة. ومع ذلك، بدأ هذا التحفظ يقل تدريجيًا لدى البعض، لا عن قناعة تامة، بل نتيجة للعولمة والانفتاح والتأثيرات الخارجية التي أراها لا تتوافق مع قيمنا المحافظة.
وتقول السيدة لطيفة إن من أبرز المخاوف التي يشعر بها كثير من الأسر القطرية عند تشجيع بناتها على ممارسة الرياضة بشكل احترافي هي مسألة اللباس الرياضي الذي لا يتناسب مع تعاليمنا الإسلامية ولا مع عاداتنا وتقاليدنا، إلى جانب القلق من الظهور الإعلامي وتعرضها لتداعيات وسلبيات هذا الظهور، وكذلك الاختلاط والسفر المتكرر، خاصة إذا كان بدون محرم. كما يتخوف البعض من تأثر الفتاة بالأفكار الغربية المتعلقة بالتحرر، مما قد يبعدها عن القيم التي نشأت عليها. وتتخوف الأسرة كذلك من نظرة المجتمع، حيث يخشى البعض من الانتقادات السلبية التي قد تتعرض لها الفتاة التي تختار هذا المجال، مما قد يؤثر عليها مستقبلاً في تكوين أسرة.
ويتضح لنا في مجمل المقابلات التي أجريناها ومختلف الآراء التي سمعناها، أنه على الرغم من قيام دولة قطر بتوفير كافة السبل للمرأة لممارسة الأنشطة الرياضية، وذلك بما يتناسب وبيئتها المحيطة وميولها، بالإضافة إلى توفير أقصى درجات الخصوصية للمرأة القطرية بتوفير جو يلائم العادات والتقاليد القطرية المحافظة، إلا أنه ما زال هناك تحفظ من بعض العائلات القطرية على السماح للفتيات بممارسة الرياضة بشكل احترافي، الأمر الذي يتطلب وعيًا مجتمعيًا شاملاً، مع الحاجة إلى برامج تثقيفية تعزز فوائد الرياضة النسائية وتعيد صياغة المفاهيم التقليدية، بما يتوافق مع رؤية قطر التنموية ومسيرتها في دعم المرأة في كافة المجالات.